موقع معروف

النشرة القانونية

للاشتراك مجانًا بخدمة الأخبار القانونية التي تقدمها شبكة المحامين العرب، ومتابعة أهم الأخبار القانونية اليومية ، ارسل كلمة " اشترك - الإمارات " أو "Subscribe - uae" على الرقم التالي ثم اضف رقم الخدمة بقائمة جهات الإتصال لديكم

 تصنيف الخبر    قضايا وآراء قانونية    الإيصاء بالأعضاء بين الإرادة الصريحة والإرادة المفترضة

نقابة المحامين 30 أكتوبر، 2021

الإيصاء بالأعضاء بين الإرادة الصريحة والإرادة المفترضة

بقلم الدكتور/ أحمد عبد الظاهر – القانون الجنائي بجامعة القاهرة – المحامي بالنقض والإدارية العليا
«التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة»، وذلك على حد تعبير المادة الحادية والستين من الدستور المصري الحالي الصادر عام 2014م. ومع ذلك، ورغم أهمية التبرع بالأعضاء والمعنى الإنساني من وراء هذا التصرف، فإن ثمة مخاطر محفوفة بهذا الإجراء. فإذا كان التبرع بالأعضاء محموداً، فإن الإتجار بالأعضاء البشرية يشكل إحدى صور جرائم الاتجار بالبشر. وغني عن البيان أن الإتجار بالبشر عموماً والاتجار بالأعضاء البشرية على وجه الخصوص جريمة يعاقب عليها القانون. بل إن تجريم هذا السلوك يرقى إلى مرتبة القواعد الدستورية في العديد من الدول. فعلى سبيل المثال، وحرصاً على حرمة الجسد، وإدراكاً لخطورة الإتجار بالأعضاء البشرية، تنص المادة 60 من الدستور المصري الحالي على أن «لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الإتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقاً للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذي ينظمه القانون».
ومن هنا، ولتحقيق التوازن المقصود الذي يكفل إباحة وإتاحة التبرع بالأعضاء وحظر ومكافحة وتجريم الاتجار بالأعضاء البشرية، كان من الطبيعي أن يتدخل المشرع بتنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية. ولذلك، ولكفالة الحماية اللازمة لحرمة الجسد، يستلزم المشرع في أي إجراء ينصب على جسم الإنسان أن يكون ذلك برضاه الحر الموثق.
وهكذا، يبدو سائغاً القول إنه كم كان جيداً أن يرد النص في الدستور على حظر إجراء أي تجربة طبية أو علمية على الإنسان بغير «رضاه الحر الموثق». وكم كان جيداً أيضاً أن يخول الدستور في المادة الحادية والستين منه لكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته، متى كان ذلك بموجب «موافقة موثقة». وبعبارة أخرى، كم كان المشرع الدستوري موفقاً عندما تطلب «الموافقة الموثقة» في تبرع الإنسان بأعضاء جسده أثناء حياته. إذ يبدو شرط «الموافقة الموثقة» متسقاً مع شرط الرضاء الحر الموثق الوارد في المادة الستين من الدستور كمتطلب أولي وضروري لإجراء أي تجربة طبية أو علمية عليه». فإذا كان الفقه والقضاء مستقران على أن رضاء المريض هو أحد شروط إباحة العمل الطبي، رغم أن الهدف منه شفاء المريض، ويشكل بالتالي عملاً نافعاً للمريض أو هو على الأقل عمل دائر بين النفع والضرر، فإن الرضاء ينبغي أن يكون من باب أولى أحد الشروط الأساسية والضرورية لنقل عضو من إنسان حي إلى آخر. بل ينبغي أن يكون الرضاء أو الموافقة «موثقة» وثابتة ثبوتاً يقينياً. وهذا الشرط ليس محلاً للجدل أو الخلاف، ولا يجوز أن يكون كذلك.
ولكن، التساؤل يثور عن مدى ملاءمة النص في المادة الحادية والستين من الدستور على أن تكون «الوصية موثقة» في حالة تبرع الإنسان بأعضائه بعد مماته. إذ تنص المادة 61 من الدستور على أن «التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقاً للقانون».
وللإجابة عن هذا التساؤل، نرى من المفيد استعراض خطة التشريعات المقارنة في هذا الشأن. ويمكن التمييز في هذا الصدد بين اتجاهين: أولهما، يشترط أن تكون الموافقة أو الوصية صريحة. أما ثانيهما، فيكتفي بالموافقة المفترضة.
المطلب الأول
اتجاه الموافقة الصريحة
تمهيد وتقسيم:
باستقراء الأحكام الواردة في التشريعات العربية بهذا الشأن، يمكن القول إن إجماع هذه التشريعات منعقد على تبني اتجاه اشتراط الموافقة الصريحة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة. ومع ذلك، ورغم انعقاد الاجماع على توافر الموافقة الصريحة كشرط للتبرع، فإن هذه التشريعات انتهجت مذاهب مختلفة فيما يتعلق بكيفية أو آلية إثبات هذه الموافقة. والقاسم المشترك بين كل هذه التشريعات هو اشتراط أن تكون الموافقة مكتوبة. ولكن، البعض لم يكتف بمجرد الكتابة، متطلباً شروطاً أخرى للتحقق من موافقة المتبرع. ويبدو هذا جلياً من خلال العرض التالي:
اشتراط القانون المصري وصية موثقة أو الإثبات في أي ورقة رسمية أو الإقرار
يشترط المشرع المصري أن تكون الوصية موثقة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، أو أن تكون مثبتة في أي ورقة رسمية، أو أن يكون الشخص قد أقر برغبته في التبرع وفق الإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون. إذ تنص المادة الثامنة من القانون رقم 5 لسنة 2010م بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية على أن «يجوز لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة إنسان حي أو علاجه من مرض جسيم أو استكمال نقص حيوي في جسده، أن يزرع فيه عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسد إنسان ميت، وذلك فيما بين المصريين إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل وفاته بوصية موثقة، أو مثبتة في أية ورقة رسمية، أو أقر بذلك وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون»
وهكذا، يتطلب المشرع لثبوت إيصاء الشخص بأعضائه بعد وفاته، تحقق إحدى صور ثلاثة، هي: وصية موثقة؛ وصية مثبتة في أي ورقة رسمية؛ الإقرار بالتبرع وفق الإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون
اشتراط القانون السعودي الوصية الموثقة