موقع معروف

النشرة القانونية

للاشتراك مجانًا بخدمة الأخبار القانونية التي تقدمها شبكة المحامين العرب، ومتابعة أهم الأخبار القانونية اليومية ، ارسل كلمة " اشترك - الإمارات " أو "Subscribe - uae" على الرقم التالي ثم اضف رقم الخدمة بقائمة جهات الإتصال لديكم

  أستعراض تاريخيًا   06/04/2021 قانون الزواج بالمغتصب

  23 شعبان 1442هـ - 06 أبريل 2021م

قانون الزواج بالمغتصب

بقلم: الدكتور/ أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي
في المجتمعات البدائية، وقبل نشأة الدولة، كانت النظرة إلى المجرمين أنهم أعداء المجتمع، واتخذت العقوبات تبعًا لذلك صورة الانتقام الجماعي، وكان أهمها الطرد من العشيرة الذي يجرد المطرود من حماية عشيرته، ويجعل منه شخصًا مهدر الدم يُباح الاعتداء عليه، وقد تلجأ العشيرة، في حالة العدوان الخارجي لأحد أفرادها على عشيرة أخرى، إلى طرد الجاني وإعلان تخليها عنه تفاديًا لخطر انتقام عشيرة المجني عليه؛ وبذلك يكون الجاني تحت رحمة المجني عليه وعائلته، فيمكن لها أن تقتله أو تسترقه تعويضًا لها عن الضرر الذي أصابها.
والعجيب في الأمر أن بعض العشائر المعتدى عليها كانت تعاقب الجاني عن طريق دمجه في عائلة المجني عليه، الأمر الذي يتحقق بزواجه من أرملة الأخير، وقد تم استقاء هذه المعلومة الأخيرة من مؤلف مشهور لفقيه فرنسي مرموق في علم الإجرام، منشور باللغة الفرنسية، وبيانات اقتباس هذه المعلومة لمن يريد الاطلاع عليها من مصدرها، هي كالتالي:
والواقع أن ما دفعني لتوثيق المعلومة سالفة الذكر والإشارة إلى مصدرها في صلب المقال أن البعض قد يستغرب حدوث ذلك، وقد يجد مبررًا له من خلال ربط هذا الحكم بالمجتمعات البدائية، وبحيث يعتبر أن مثل هذه الأحكام تشكل أحد مظاهر بدائية هذه المجتمعات ورغم وجه الغرابة في هذا الحكم، يمكن أن نجد نظيرًا في العديد من التشريعات الجنائية السارية في عالم اليوم، وقد كانت مثل هذه الأحكام موجودة في قانون العقوبات المصري حتى سنوات قليلة مضت، ولم يفطن المشرع إلى إلغائها سوى في نهاية القرن الماضي، وتحديدًا في عام 1999م، ونعني بذلك زواج الخاطف بمن خطفها زواجًا شرعيًا بعد ارتكاب الجريمة، حيث كان المشرع يقرر مانع عقاب لمصلحة الجاني في هذه الحالة، وقد حذت بعض التشريعات العربية حذو المشرع المصري في هذا الشأن، بينما لا يزال بعضها الآخر يقرر مانع عقاب في حالة ارتكاب جريمة الاغتصاب أو جريمة خطف الأنثى، مقرراً إعفاء الجاني من العقاب إذا تزوج بالمجني عليها زواجاً شرعيًا.
وسنحاول فيما يلي إلقاء الضوء على هاتين الطائفتين من التشريعات، وذلك في خمسة مطالب، كما يلي:
المطلب الأول: الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة المغتصب حال زواجه بالمجني عليها.
المطلب الثاني: الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة الخاطف حال زواجه بالمجني عليها.
المطلب الثالث: الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة الخاطف حال زواجه بالمجني عليها القاصر.
المطلب الرابع: الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة المغتصب والخاطف حال زواجه بالمجني عليها.
المطلب الخامس: الاتجاه التشريعي نحو إلغاء مانع العقاب في جريمتي الاغتصاب وخطف الأنثى.
المطلب الأول
الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة المغتصب حال زواجه بالمجني عليها
في مملكة البحرين، يجرم المشرع مواقعة أنثى بغير رضاها، أي اغتصابها، مقررًا لها في صورتها البسيطة عقوبة السجن المؤبد، وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا كانت المجني عليها لم تتم السادسة عشرة من عمرها، ويفترض عدم رضا المجني عليها إذا لم تتم الرابعة عشرة (المادة 344 من قانون العقوبات البحريني، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م، معدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 1 لسنة 1986م). ويجرم المشرع البحريني مواقعة الأنثى التي أتمت الرابعة عشرة ولم تتم السادسة عشرة برضاها، مقررًا لها عقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة، وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على عشر سنوات إذا كانت الأنثى التي تمت مواقعتها قد أتمت السادسة عشرة ولم تتم الحادية والعشرين، وكان ذلك برضاها (المادة 345 من قانون العقوبات، معدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 7 لسنة 1985م). والنصوص السابقة تتعلق بجريمة الاغتصاب، أو على حد تعبير النص القانوني مواقعة أنثى بغير رضاها، سواء كان عدم الرضاء حقيقياً كما هو الشأن بالنسبة للأنثى البالغة، أو كان انعدام الرضاء مفترضاً، كما هو الشأن في حالة مواقعة أنثى لم تتم الحادية والعشرين من عمرها.
أما فيما يتعلق بجريمة هتك العرض، فإن المشرع يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من اعتدى على عرض شخص بغير رضاه. وتكون العقوبة السجن إذا كان المجني عليه لم يتم السادسة عشرة، ويفترض عدم رضا المجني عليه إذا لم يتم الرابعة عشرة (المادة 346 من قانون العقوبات، معدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 7 لسنة 1985م)، ويعاقب بالحبس من اعتدى على عرض شخص أتم الرابعة عشرة ولم يتم الحادية والعشرين برضاه (المادة 347 من قانون العقوبات، معدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 7 لسنة 1985م).
وفيما يتعلق بجريمة الفعل المخل بالحياء، يعاقب المشرع البحريني بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من أتى علنًا فعلاً مخلاً بالحياء، ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ارتكب فعلاً مخلاً بالحياء مع أنثى، ولو في غير علانية (المادة 350 من قانون العقوبات)، وأخيرًا، يعاقب المشرع البحريني بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرين دينارًا من تعرض لأنثى على وجهٍ يخدش حياءها بالقول أو بالفعل في طريقٍ عام أو مكان مطروق، ويعاقب بالعقوبة ذاتها إذا كان التعرض بطريق التليفون (المادة 351 من قانون العقوبات).
غير أن المشرع البحريني أورد نصًا عامًا يرتب أثرًا على زواج الجاني بالمجني عليها في جرائم الاغتصاب وهتك العرض والفعل المخل بالحياء مع أنثى والتعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها، مقررًا إعفاء الجاني من العقاب أو وقف تنفيذ الحكم الصادر بحقه مع إزالة آثاره الجنائية، فوفقًا للمادة (353) من قانون العقوبات البحريني، «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة إذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية»، وينطبق هذا الحكم على الجرائم المنصوص عليها في الفصل الثاني المعنون «الاغتصاب والاعتداء على العرض» (المواد من 344 إلى 353).
ولا وجود لمانع العقاب سالف الذكر في حالة ارتكاب جريمة خطف الأنثى، المنصوص عليها في المادة 358 من قانون العقوبات البحريني، والتي تنص على أن «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من خطف شخصًا بنفسه أو بواسطة غيره، وتكون العقوبة السجن إذا كان المجني عليه أنثى، وإذا وقع الخطف بالحيلة أو توافرت فيه إحدى الحالات المبينة في المادة السابقة عد ذلك ظرفاً مشدداً». فلا يقرر المشرع مانع عقاب الخاطف إذا تزوج بمن خطفها زواجًا شرعيًا، غير أن التساؤل يُثار في حالة ما إذا قام الخاطف بمواقعة الأنثى المختطفة بغير رضاها، ثم تزوجها زواجًا شرعيًا، وقد يكون قصد الخاطف من ارتكاب جريمته هو التمكن من مواقعة الأنثى المختطفة؛ ففي هذه الحالة، تتعد الجرائم المرتكبة من الجاني تعددًا ماديًا، ونرى امتداد مانع العقاب إلى هذه الحالة أيضًا؛ إذ تتحقق علة مانع العقاب في هذه الحالة أيضًا.
أما إذا وقفت الجريمة عند حد الخطف، دون أن يعقبها مواقعة للأنثى المختطفة، فإن علة مانع العقاب، لا تتحقق في هذا الفرض. ومع ذلك، فإن وضع الجاني في حالة ارتكاب جريمة الخطف فقط يبدو أسوأ من وضع الخاطف الذي يرتكب جريمتي الخطف والاغتصاب.
وفي الجمهورية اللبنانية، ووفقاً للمادة 522 من قانون العقوبات، معدلة بالقانون الصادر في 5 فبراير 1948م، وتحت عنوان «أحكام شاملة»، «إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه. يعاد إلى الملاحقة أو تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدي عليها».
المطلب الثاني
الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة الخاطف حال زواجه بالمجني عليها
بمطالعة نصوص قانون الجزاء الكويتي رقم (16) لسنة 1960م، وبإلقاء نظرة شاملة على نصوصه، نجد أنه قد ورد خلوًا من النص على مانع عقاب لمصلحة الجاني في جريمة مواقعة الاغتصاب (مواقعة أنثى بغير رضاها) أو هتك عرض أنثى، حال زواجه من المجني عليها. خلافاً لذلك، وفيما يتعلق بجريمة خطف الأنثى عن طريق القوة أو التهديد أو الحيلة، بقصد قتلها أو إلحاق أذى بها أو مواقعتها أو هتك عرضها أو حملها على مزاولة البغاء أو ابتزاز شيء منها أو من غيرها، فإن المشرع يرتب أثرًا ، وهو إعفاء الخاطف من العقاب إذا تزوج من المخطوفة زواجًا شرعيًا بإذن وليّها، وطلب الولي عدم توقيع العقاب عليه.
بيان ذلك أن المادة (180) من قانون الجزاء الكويتي، معدلة بموجب المرسوم الأميري بالقانون رقم (62) لسنة 1976ن، تنص على أن «كل من خطف شخصاً عن طريق القوة أو التهديد أو الحيلة، قاصداً قتله أو إلحاق أذى به أو مواقعته أو هتك عرضه، أو حمله على مزاولة البغاء، أو ابتزاز شيء منه أو من غيره، يعاقب بالإعدام».
ويعاقب بالعقوبة ذاتها المقررة للخاطف بهذا القصد أو في هذه الظروف كل من أخفى شخصًا مخطوفًا وهو عالم أنه مخطوف، يعاقب كما لو كان قد خطف بنفسه ذلك الشخص، فإن كان عالماً أيضاً بالقصد الذي خطف الشخص من أجله أو بالظروف التي خطف فيها (المادة 181 من قانون الجزاء الكويتي).
ويُثار التساؤل عن علّة تقرير مانع العقاب في حالة ارتكاب جريمة خطف الأنثى بالقوة أو التهديد أو الحيلة، إذا تزوج الخاطف بمن خطفها، بينما يتقرر الأثر ذاته في حالة مواقعة الأنثى بغير رضاها، وذلك على الرغم من أن العلة تكون أكثر وضوحًا في حالة الاغتصاب عنها في حالة الخطف فقط، دون أن يكون متبوعًا بمواقعة الأنثى المختطفة.
وعلى كل حال، وأيًا كان وجه الرأي بشأن التساؤل سالف الذكر، فإن المشرع الكويتي ارتأى من المناسب تقرير مانع عقاب للخاطف، مقررًا أنه لا يحكم عليه بعقوبة ما «إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجًا شرعيًا بإذن من وليها، وطلب الولي عدم عقاب الخاطف (المادة 182 من قانون الجزاء، معدلة بموجب قانون رقم 46 لسنة 1960م). والبيّن من عبارات النص سالف الذكر أن الحكم الوارد به يتعلق بالخاطف، ويُثار التساؤل عما إذا كان هذا الحكم يمتد كذلك إلى من يخفي الشخص المخطوف إذا تزوج بالمخطوفة.
ومن ناحية أخرى، فإن عبارات تجريم الخطف قد جاءت عامة، بحيث يتحقق النموذج القانوني للجريمة في شأن «كل من خطف شخصاً»، وسواء كان المجني عليه المخطوف ذكرًا أو أنث، ومن ثم، فإن من المتصور قانونًا أن تقع جريمة الخطف من رجل على امرأة، كما يمكن أن تقع من امرأة على رجل. كذلك، من المتصور قانونًا أن يكون القصد في الحالتين هو المواقعة أو هتك العرض، ومع ذلك، فإن العقل الجمعي ينصرف بحكم العادة والوضع الغالب إلى حالة وقوع الجريمة من ذكر على أنثى فقط. وربما لهذا السبب قصر المشرع نطاق تطبيق المانع من العقاب على حالة «زواج الخاطف من خطفها زواجاً شرعياً بإذن من وليها، وطلب الولي عدم عقاب الخاطف». ولكن، ما هو الحكم إذا وقعت جريمة الخطف من امرأة على رجل، وتمت مواقعة الأنثى للرجل، ثم حدث الزواج بينهما بعد ذلك.. لا شك أن هذه الحالة أولى بتقرير مانع العقاب في شأنها.
المطلب الثالث
الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة الخاطف حال زواجه بالمجني عليها القاصر
تنص المادة (326) من قانون العقوبات الجزائري على أن «كل من خطف أو أبعد قاصرًا لم يكمل الثامنة عشرة وذلك بغير عنفٍ أو تهديد أو تحايل أو شرع في ذلك فيعاقب بالحبس لمدة من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 000.2 دينار، وإذا تزوجت القاصر المخطوفة أو المبعدة من خاطفها فلا تتخذ إجراءات المتابعة الجزائية ضد الأخير إلا بناءً على شكوى الأشخاص الذين لهم صفة في طلب إبطال الزواج ولا يجوز الحكم عليه إلا بعد القضاء بإبطاله».
المطلب الرابع
الاتجاه التشريعي المقرر مانع عقاب لمصلحة المغتصب والخاطف حال زواجه بالمجني عليها
فيما يتعلق بجريمة مواقعة الأنثى، ووفقاً للفصل (227) مكرر من المجلة الجنائية التونسية، مضافاً بالقانون رقم (15) لسنة 1958م، ومنقحًا بالقانون رقم (21) لسنة 1969م وبالقانون رقم (23) لسنة 1989م، «يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاماً كاملة، وإذا كان سن المجني عليها فوق الخمسة عشر عامًا ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة خمسة أعوام، والمحاولة موجبة للعقاب، وزواج الفاعل بالمجني عليها في الصورتين المذكورتين يوقف التتبعات أو آثار المحاكمة، وتستأنف التتبعات أو آثار المحاكمة إذا انفصم الزواج بطلاق محكوم به إنشاء من الزوج طبقًا للفقرة الثالثة من الفصل (31) من مجلة الأحوال الشخصية وذلك قبل مضي عامين عن تاريخ الدخول بالمجني عليها».
وفيما يتعلق بجريمة الخطف، أو ما يطلق عليه المشرع التونسي اصطلاح «الفرار بشخص»، ينص الفصل (239) من المجلة الجنائية التونسية على أن «يترتب عن زواج الجاني بالبنت التي فرّ بها إيقاف المحاكمة أو تنفيذ العقاب»، وقد ورد هذا الفصل ضمن الفرع الخامس المعنون «في الفرار بشخص». والأثر القانوني الوارد بهذا الفصل إنما ينصرف إلى الجريمتين المنصوص عليهما في الفصلين (237) و(238) من المجلة الجنائية.
المطلب الخامس
الاتجاه التشريعي نحو إلغاء مانع العقاب المقرر للمغتصب أو الخاطف حال زواجه بالمجني عليها
في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبمطالعة قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987م، نجد أن نصوصه قد وردت خلوًا من النص على مانع عقاب للمغتصب أو الخاطف في حالة زواجه بمن واقعها أو خطفها زواجًا شرعيًا.
وبموجب القانون المصري رقم (14) لسنة 1999م بإلغاء المادة (291) من قانون العقوبات، المنشور بالجريدة الرسمية في العدد (16) تابع في الثاني والعشرين من أبريل 1999م، ألغى المشرع مانع العقاب الذي كان مقرراً لمصلحة الخاطف، إذا تزوج بمن خطفها زواجًا شرعيًا.
أما فيما يتعلق بجريمة الاغتصاب أو مواقعة أنثى دون رضاها، فلم يرد من الأصل مانع عقاب في شأن المغتصب الذي يتزوج بمن اغتصبها زواجًا شرعيًا، ومن ثم، فإن الجاني في هاتين الجريمتين، أي الخطف والاغتصاب، يعاقب، ولو تزوج بمن خطفها أو تزوجها زواجًا شرعيًا، ومع ذلك، وفقًا لرأي بعض الفقه، للقاضي أن يعتبر الزواج اللاحق بين الجاني والمجني عليه ظرفاً مخففًا للعقوبة.

وفي المملكة الأردنية الهاشمية، وتحت عنون «إيقاف الملاحقة واستعادة الحق في الملاحقة»، كانت المادة (308) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960م تنص على أنه «1- إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه.
2- تستعيد النيابة العامة حقها في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع»، ولكن تم إلغاء هذه المادة مؤخراً، وذلك بموجب القانون المعدل رقم (27) لسنة 2017م
وفي المملكة المغربية، ينص الفصل (475) الفقرة الأولى من مدونة القانون الجنائي على أن «من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم».
وكانت الفقرة الثانية من الفصل ذاته تضيف أنه «ومع ذلك، فإن القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناءً على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلاً».
وهذا الفصل هو أحد فصول أو مواد الفرع 4 المعنون «في خطف القاصرين وعدم تقديمهم»، ولكن، وفي العشرين من فبراير عام 2014م، تم حذف الفقرة الثانية من الفصل (475) من مجموعة القانون الجنائي المغربي، وقد تم هذا الإلغاء بموجب المادة الفريدة من القانون رقم ( 15.14) القاضي بتغيير وتتميم الفصل (475) من مجموعة القانون الجنائي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.06 (منشور بالجريدة الرسمية، عدد 6238، بتاريخ 13 مارس 2014م، ص 3138).
وجدير بالذكر أن الإلغاء قد حدث بعد ما عرف بقضية انتحار الطفلة أمينة الفيلالي، والتي كانت تبلغ من العمر وقت انتحارها ستة عشر عامًا، وأقدمت على الانتحار بعدما أرغمت على الزواج من مغتصبها، ورغم أن الفقرة الملغاة تتعلق بجريمة الخطف، ولا شأن لها بجريمة الاغتصاب أو مواقعة أنثى بدون رضاها، إلا أنه قد تم تطبيق الحكم الوارد بها على جريمة الاغتصاب بطريق القياس، وبناءً على ذلك، استفاد الجاني المغتصب من مانع العقاب بناء على زواجه من المجني عليها.